شهدت مدينة الرياض نمواً عمرانياً وسكنياً سريعاً خلال الخمسة عقود الماضية، فقد تضاعف عدد السكان خلال تلك الفترة إلى أكثر من خمسة أضعاف، صاحب هذا النمو ازدياد استهلاك المياه في مدينة الرياض إلى عشرين ضعف، وكان هذا النمو أسرع من أن تلاحقه برامج تنفيذ شبكات المرافق العامة خصوصاً شبكات الصرف الصحي، مما تسبب في ارتفاع منسوب المياه الأرضية، التي شكّلت قضية حرجة بيئياً واقتصادياً وصحياً، إلى جانب تأثيرها على أساسات المباني والطرق والأرصفة وشبكات المرافق العامة، ونظراً لخطورة المشكلة، فقد أطلقت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برنامجاً للسيطرة على مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في مدينة الرياض، ومعالجة آثارها التي تسببت في تكوّن مستنقعات مائية، مما يهيئ وسطاً ملائماً لنمو وانتشار الحشرات الضارة والناقلة للأمراض.
وقد احتوى البرنامج على العديد من الدراسات، التي قد بينت أن كمية المياه المتسربة من المصادر المختلفة، تفوق نافذية الأرض الطبيعية والصخور في مدينة الرياض، مما أدى إلى تراكم المياه المتسربة بالقرب من سطح الأرض ووصولها إلى السطح، وبناءً عليه تم توصيف برنامج علاجي شامل لهذه المشكلة، ويتكون من أربعة اتجاهات رئيسة:
الاتجاه الأول: التحكم في المصادر المسببة لارتفاع منسوب المياه الأرضية.
ويهدف إلى الحد من تسرب المياه من المصادر الرئيسة المسببة لارتفاع منسوب المياه الأرضية، وكان لهذا البرنامج أثر واضح في انخفاض كمية التسربات.
الاتجاه الثاني: الإجراءات الوقائية لحماية المنشآت والمرافق العامة.
ويهدف إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية المنشآت والمرافق القائمة والمقرر إنشاؤها، وفي هذا الجانب فقد أصدرت الهيئة مجموعة من الكتب الإرشادية التوعوية، مثل كتيب “نحو سكن أفضل”، والذي اشتمل على طرق تنفيذ الأساسات تحت منسوب المياه الأرضية، وعلى طرق تصميم نظم الري في الحدائق الخاصة، واشتمل أيضاً على الاعتبارات التي يجب مراعاتها في تحديد مواقع ومساحات الحدائق، وطرق تصميم البيارات بصورة هندسية سليمة، وأخيراً طرق تصميم وتنفيذ السباكة داخل المنزل مع رسومات توضيحية. وأصدرت الهيئة أيضاً “قواعد تصميم وتشغيل أنظمة ضخ وصرف المياه الأرضية، وتصميم وتنفيذ أساسات المباني والخزانات الأرضية للمياه وبرك السباحة” و “قواعد تأسيس المباني على التربة الحساسة شرقي مدينة الرياض”، والعديد من الكتيّبات والنشرات التوعوية للمواطنين للتعريف بالمشكلة وكيفية التعامل معها.
الاتجاه الثالث: برنامج المراقبة المستمرة.
ويشتمل على:
ويتم إدخال كل هذه المعلومات في قاعدة بيانات لتتم الاستفادة منها في متابعة حركة المياه الأرضية.
الاتجاه الرابع: تخفيض منسوب المياه الأرضية إلى مستويات آمنة.
ويتم تحديد هذه المستويات بناءً على ظروف كل منطقة، فقد تم تقسيم مدينة الرياض إلى ثلاث مناطق حسب تكوينها الجيولوجي، وذلك على النحو التالي:
وقد بلغ مجموع ما تم تنفيذه من شبكات، لمعالجة ارتفاع منسوب المياه الأرضية أكثر من 378 كيلومتر، وتتم حاليا دراسة إمكانية تنفيذ مشاريع لخفض منسوب المياه الأرضية في أحياء: العارض، والملقا، والنسيم الغربي، والفيصلية، وظهرة لبن، وطويق.
وقد قام مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، بتنفيذ دراسة لمنطقة شرق الرياض وكانت من أهم التوصيات:
كما تم وضع خطة تنفيذية للتعامل مع مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية في شرق الرياض تضمّن ما يلي: