في ظل الحفاظ على الموارد الطبيعية للمياه والحياة الطبيعية، أنهت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض خطتها الشاملة لإعادة تأهيل وادي حنيفة، الذي يمتد من أعالي الحيسية شمالاً حتى جنوب شرق الحاير، بطول 120 كيلومتر وبعرض يتراوح بين 10 أمتار و 100 متر، وذلك سعياً منها لإعادة التوازن البيئي بعد التطور العمراني الكبير الذي شهدته مدينة الرياض وكذلك لأهمية موقع الوادي، حيث يمثل مصرفاً طبيعياً لحوالي 4000 كيلومتر مربع. يذكر أن الوادي بدأ يعاني من التدهور البيئي منذ التسعينات الهجرية، بسبب أنشطة نقل التربة من بطن الوادي، وانتشار الكسارات والأنشطة الصناعية.
ولوقف التدهور الحاصل في الوادي قررت الهيئة اعتباره منطقة محمية بيئياً ومنطقة تطوير خاصة، وأعدت خطة شاملة لإعادة تأهيله، والتي ترتكز على عدد من السياسات والتنظيمات والإجراءات، والأعمال الهادفة إلى وقف التدهور البيئي، ومن أبرزها:
ويعتبر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الأساس الذي ستُبنى عليه بقية مشاريع التطوير المستقبلية، حيث تضمن المشروع أعمال التنظيف وإزالة المخلفات، وبلغ ما تم تنظيفه حوالي 10 ملايين متر مربع، مع إزالة ما يقارب النصف مليون طن من النفايات والمخلفات.
وفي هذه المرحلة تم تهذيب مجرى السيل وإعادة منسوبه إلى وضعه الطبيعي، من خلال ردم الحفر والمستنقعات وتوسعة مجرى السيل، وقد بلغت كميات التربة التي تم حفرها ما يقارب 2.5 مليون متر مكعب.
ولتصريف المياه الدائمة في الوادي، أُنشئت قناة مياه دائمة الجريان بطول 57 كيلو متراً، وبُطّنت بالأحجار الطبيعية لنمو الكائنات الدقيقة، التي تتغذى على المواد العضوية العالقة في المياه وتحويلها إلى مواد غير ضارة، وتمر القناة عبر تكوينات وتدرجات صخرية تعرف باسم (الهدارات).
بعد أن تم تهذيب مجرى الوادي وإنشاء القنوات الدائمة، جاءت مرحلة تطوير أماكن مختارة من الوادي، تتميز بتكويناتها الطبيعية، حيث تم اختيار تسع مواقع مختلفة في بطن الوادي؛ سد العلب شمال الدرعية، سد وادي حنيفة، مصلى العيد في البديعة، بجوار منطقة المعالجة الحيوية في ميدان الجزائر، سد البجيري، حي المصانع، بحيرات الجزعة، سد لبن، سد نمار.
في هذه المرحلة تم تنفيذ الطرق بشكل يقلل من تأثرها عند جريان مياه السيول في الوادي، وتمتد هذه الطرق بطول 42.8كم وبعرض يتراوح بين 6 و 9 أمتار، وقد تم تنفيذ 2000 موقف جانبي، وإنشاء 22 جسراً ومعبراً، وإنشاء مسارات ترابية ومدعمة الجوانب للمشاة بطول 46.8كم على طول الوادي، كما أنيرت الطرق وممرات المشاة من خلال تركيب 2500 عمود إنارة و 600 وحدة إنارة للجسور، وتم تنفيذ المصليات على طول الوادي، وإنشاء 30 مبنى دورات مياه للرجال والنساء، وتم تشجير الوادي بما يتناسب مع طبيعته، وفقاً لبرنامج طويل الأمد لإعادة الغطاء النباتي، وذلك من خلال زراعة 7000 نخلة و 30000 شجرة صحراوية، وتم نقل 2000 شجرة إضافة إلى 42000 شجيرة عن طريق الاستزراع من البذور أو الشتلات الجاهزة، ولتجنب جفاف تلك الأشجار تم تنفيذ نظام ري يدوي يشمل آباراً وخط ري بطول 40 كم، وتم تركيب 730 لوحة إرشادية، هدفها توجيه وتعريف مرتاديه بما يحتويه من معالم طبيعية وخدمات. ويشتمل المشروع على برنامج مراقبة نوعية كمية المياه السطحية المتدفقة عبر الوادي، المأخوذة من 40 موقعاً، إضافة إلى تركيب محطات مناخية موزعة على طول الوادي.
وقد حصل المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة على عدد من الجوائز العالمية وشهادات التقدير الدولية، لدوره الرائد في تطوير وإدارة مصادر المياه، حيث نال جائزة مركز المياه بواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2003م، كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم من بين 75 مشروعاً قدمت من 21 دولة، كما فاز المشروع أيضاً في عام 2007 بالجائزة الذهبية للمنظمة الدولية للمجتمعات الحيوية، كأفضل مشروع قدم من ضمن 160 مشروعاً في مجال البيئة والحفاظ على مصادر المياه.
ويمثل ما تم تنفيذه في مشروع التأهيل البيئي بالوادي الرئيسي اللبنة الأساسية لبرنامج التطوير بالوادي، وسيتبع ذلك تأهيل منطقة بحيرات الحاير، بالإضافة إلى الأودية الرافدة والمحميات الطبيعية، وإنشاء خطة لإعادة استخدام المياه، نظراً لرغبة العديد من الجهات بالاستفادة من المياه المعالجة للأغراض الزراعية والصناعية، كما اشتمل المخطط الشامل على ضرورة تكوين إدارة لوادي حنيفة، يكون من أبرز مهامها تفعيل آليات المراقبة في الوادي، وتضمّن ايضاً اعتبار مناطق الحيسية وأعالي وادي لبن وجنوب الحاير مناطق محمية كونها تعتبر أساساً ورافداً للحياة الفطرية والحيوانية والنباتية في الوادي.